الرئيسية
قصة توسل آدم عليه السلام بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم
هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي اشتهرت على ألسنة الوعاظ والقصاص، وإلى القارئ الكريم بيان حقيقة هذه القصة
أولاً المتن
زُوِيَ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي قال «لما اقترف آدم الخطيئة، قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال الله عز وجل يا آدم، وكيف عرفت محمدًا ولم أخلقه ؟ قال لأنك يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت فيّ من رُوحك رفعتُ رأسي فرأيتُ على قوائم العرش مكتوبًا لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله، فعلِمتُ أنك لم تُضِفْ إلى اسمك إلا أحبَّ الخلق إليك، فقال الله عز وجل صدقت يا آدمُ، إنهُ لأحبُّ الخلق إليَّ، وإذْ سألتني بحقه فقد غفرتُ لك، ولولا محمد ما خلقتُك
ثانيًا التخريج
أخرج الحديث الذي جاءت به هذه القصة الواهية الحاكم في «المستدرك» قال حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل، ثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، ثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري، ثنا إسماعيل بن مسلمة، أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله «لما اقترف آدم الخطيئة » القصة
وأخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» ، من طريق شيخه الحاكم حيث قال حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاءً وقراءةً، حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل، به
ثالثًا التحقيق
القصة واهية، والحديث الذي جاءت به موضوع، والموضوع عند علماء الحديث هو الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله ، ورتبته هو شر الأحاديث الضعيفة وأقبحها، وحكم روايته أجمع العلماء على أنه لا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان إلا مع بيان وضعه
العلة الأولى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
فلا يغتر أحد بقول الحاكم عقب القصة «هذا حديث صحيح الإسناد»، فقد تعقبه الإمام الحافظ الذهبي في «التلخيص» حيث قال «بل موضوع، وعبد الرحمن واهٍ»
قال الإمام البيهقي في «الدلائل» «تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، من هذا الوجه عنه، وهو ضعيف»
قلت وحتى لا يغتر أحد بقول الإمام البيهقي فيتوهم أن الضعف خفيف فنبين درجة عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من أقوال أئمة الجرح والتعديل، خاصة وأن البيهقي لم يعاصر عبد الرحمن بن زيد بن أسلم الذي توفي سنة هـ قبل مولد البيهقي باثنتين ومائتي سنة، حيث قال الإمام الذهبي في «تذكرة الحفاظ» ت ، «البيهقي صاحب التصانيف ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة» اهـ
ومن أئمة الجرح والتعديل شيخ الإمام البخاري علي بن المديني الذي عاصر عبد الرحمن بن زيد بن أسلم حيث نقل الحافظ ابن حجر في «التهذيب» «عن علي بن أحمد بن النضر أنه قال وُلِدَ عليّ بن المديني سنة » اهـ
قال الإمام البخاري في كتابه «الضعفاء الصغير» ت «عبد الرحمن بن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب عن أبيه عن أبي حازم ضعفه علي بن المديني جدًا، قال إبراهيم بن حمزة مات سنة ثنتين وثمانين ومائة» اهـ
قال الإمام ابن حبان في «المجروحين» «عبد الرحمن بن زيد بن أسلم كان ممن يقلب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف فاستحق الترك» اهـ
وأخرج ابن حبان بسنده عن يحيى بن معين قال «عبد الرحمن وعبد الله وأسامة بنو زيد بن أسلم ليسوا بشيء»
قلت وهذا أيضًا قول إمام الجرح والتعديل يحيى بن معين، وهو عاصره أيضًا، حيث إنه شيخ علي بن المديني، يتبين ذلك من قول الحافظ في «التقريب» «علي بن المديني ثقة ثبت إمام، أعلم أهل عصره بالحديث وعلله، حتى قال البخاري ما استصغرت نفسي إلا عنده، وقال فيه شيخه ابن عيينة كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلمه مني» اهـ
ونقل الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» أقوال أهل الصنعة في عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
أ قال ابن سعد «كان كثير الحديث ضعيفًا جدًا»
ب وقال ابن خزيمة «ليس هو ممن يحتج أهل العلم بحديثه لسوء حفظه، هو رجل صناعته العبادة والتقشف ليس من أحلاس الحديث»
جـ وقال الساجي «ثنا الربيع ثنا الشافعي قال قيل لعبد الرحمن بن زيد حدثك أبوك عن جدك أن رسول الله قال إن سفينة نوح طافت بالبيت وصلّتْ خلف المقام ركعتين ؟ قال نعم»
د وقال ابن عبد الحكم «سمعت الشافعي يقول ذكر رجلٌ لمالك حديثًا منقطعًا فقال اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يحدثك عن أبيه عن نوح»
هـ وقال الطحاوي «حديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف»
و وقال الجوزجاني «أولاد زيد ضعفاء»
ز وقال الحاكم وأبو نعيم «روى عن أبيه أحاديث موضوعة»
العلة الثانية أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري
قال الإمام الذهبي في «الميزان» «عبد الله بن مسلم أبو الحارث الفِهْرِي روى عن إسماعيل بن مسلمة بن قَعْنَب، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم خبرًا باطلاً فيه يا آدم، لولا محمد ما خلقتك، رواه البيهقي في دلائل النبوة» اهـ
وأورده الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» ، حيث وافق الحافظ ابن حجر في «اللسان» الحافظ الذهبي في «الميزان» على قوله «روى عن إسماعيل بن مسلمة بن قعنب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم خبرًا باطلاً فيه يا آدم لولا محمد ما خلقتك
رابعًا طريق أخرى
والحديث أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن زيد، ثم قال «لا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد»
وقال الهيثمي في «المجمع» «رواه الطبراني في الأوسط والصغير وفيه من لم أعرفهم»
قُلْتُ هذا إعلال قاصر ما دام فيه عبد الرحمن بن زيد، وقد بينا حاله آنفًا
خامسًا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية حول هذه القصة الواهية
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة» الطبعة الثامنة سنة هـ ردًا على الحاكم «ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه، فإنه نفسه قد قال في كتابه «المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم» عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا تخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه»
ثم يقول شيخ الإسلام «وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاقهم يغلط كثيرًا»، ثم يذكر إنكار العلماء على الحاكم تصحيحه للأحاديث الضعيفة والموضوعة فيقول رحمه الله «وأما تصحيح الحاكم لمثل هذا الحديث وأمثاله فهذا مما أنكره عليه أئمة العلم بالحديث»، وقالوا «إن الحاكم يصحح أحاديث وهي موضوعة مكذوبة عند أهل المعرفة بالحديث» اهـ
قُلْتُ يبرهن على قول شيخ الإسلام ابن تيمية، حكم الحافظيْن الجليليْن الذهبي والعسقلاني على هذا الحديث بالبطلان كما تقدم في تحقيقنا للحديث في «الميزان» و«اللسان»، ويظهر أن هذا ليس بحديث، ويؤيد هذا أن أبا بكر الآجري أخرجه في «الشريعة» من طريق الفِهري المتقدم بسند آخر عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب موقوفًا عليه، وعمر رضي الله عنه بريء من أباطيل الفهري التي حققناها، وهذا طريق يبين أيضًا قلب عبد الرحمن بن زيد بن أسلم للأخبار كما بينا آنفًا من قول ابن حبان في «المجروحين»
ويؤيد أنه لا أصل له من كلام النبي المعصوم محمد ما رواه ابن عساكر عن شيخ من أهل المدينة من أصحاب ابن مسعود من قوله موقوفًا عليه وفيه مجاهيل
بل ويؤيد أنه ليس بحديث ما ذكره شيخ الإسلام في المرجع السابق قوله رحمه الله «إن هذا الحديث المذكور في آدم يذكره طائفة من المصنفين بغير إسناد وما هو من جنسه مع زيادات أخر، كما ذكر القاضي عياض، قال وحكى أبو محمد المكي وأبو الليث السمرقندي وغيرهما أن آدم عند معصيته قال اللهم بحق محمد اغفر لي خطيئتي قال ويروى تقبل توبتي فقال الله له مِن أين عرفت محمدًا ؟ قال رأيت في كل موضع من الجنة مكتوبًا لا إله إلا الله محمد رسول الله، قال ويروى محمد عبدي ورسولي، فعلمت أنه أكرم خلقك عليك، فتاب عليه وغفر له»
من هذا التحقيق تخرج بقاعدة جليلة حدد عناصرها شيخ الإسلام ابن تيمية في ختام كلامه عن هذا الحديث المذكور في آدم فيقول
أ مثل هذا الحديث لا يجوز أن تُبنى عليه الشريعة، ولا يُحتجُّ به في الدين باتفاق المسلمين، فإنه من جنس الإسرائيليات ونحوها التي لا تعلم صحتها إلا بنقل ثابت عن النبي
ب هذه لو نقلها مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وأمثالهما ممن ينقل أخبار قصص المتقدمين عن أهل الكتاب لم يجز أن يُحتج بها في دين المسلمين باتفاق المسلمين
جـ فكيف إذا نقلها من لا ينقلها لا عن أهل الكتاب ولا عن ثقات علماء المسلمين، بل ينقلها عمن هو عند المسلمين مجروح ضعيف لا يُحتج بحديثه واضطرب عليه فيه اضطرابًا يعرف به أنه لم يحفظ ذلك
د لا ينقل ذلك ولا ما يشبهه أحد من ثقات علماء المسلمين الذين يُعتمد على نقلهم، وإنما هو من جنس ما ينقله إسحاق بن بشر وأمثاله في كتب المبتدأ
قُلْتُ لذا يجب أن نتمسك بالكتاب والسنة المطهرة، حتى نعيش في ظلال التوحيد الخالص الذي علمنا التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه أو صفه من صفاته تعالى، أو بعمل صالح يتوسل به المتوسل إلى الله تعالى بعيدًا عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي جاءت بهذه القصة الواهية
سادسًا الصحيح الذي جاء في توبة آدم عليه السلام
ومما أوردناه يتبين أن هذه القصة واهية، ولا تصح عن آدم عليه السلام، ونبين الصحيح الذي جاء في قصة آدم عليه السلام، قال الله تعالى فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ البقرة ، قال الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة «إن هذه الكلمات مُفسرة بقوله تعالى قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ الأعراف
هذا ما وفقني الله إليه، وهو وحده من وراء القصد
هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي اشتهرت على ألسنة الوعاظ والقصاص، وإلى القارئ الكريم بيان حقيقة هذه القصة
أولاً المتن
زُوِيَ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي قال «لما اقترف آدم الخطيئة، قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال الله عز وجل يا آدم، وكيف عرفت محمدًا ولم أخلقه ؟ قال لأنك يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت فيّ من رُوحك رفعتُ رأسي فرأيتُ على قوائم العرش مكتوبًا لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله، فعلِمتُ أنك لم تُضِفْ إلى اسمك إلا أحبَّ الخلق إليك، فقال الله عز وجل صدقت يا آدمُ، إنهُ لأحبُّ الخلق إليَّ، وإذْ سألتني بحقه فقد غفرتُ لك، ولولا محمد ما خلقتُك
ثانيًا التخريج
أخرج الحديث الذي جاءت به هذه القصة الواهية الحاكم في «المستدرك» قال حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل، ثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، ثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري، ثنا إسماعيل بن مسلمة، أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله «لما اقترف آدم الخطيئة » القصة
وأخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» ، من طريق شيخه الحاكم حيث قال حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاءً وقراءةً، حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل، به
ثالثًا التحقيق
القصة واهية، والحديث الذي جاءت به موضوع، والموضوع عند علماء الحديث هو الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله ، ورتبته هو شر الأحاديث الضعيفة وأقبحها، وحكم روايته أجمع العلماء على أنه لا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان إلا مع بيان وضعه
العلة الأولى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
فلا يغتر أحد بقول الحاكم عقب القصة «هذا حديث صحيح الإسناد»، فقد تعقبه الإمام الحافظ الذهبي في «التلخيص» حيث قال «بل موضوع، وعبد الرحمن واهٍ»
قال الإمام البيهقي في «الدلائل» «تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، من هذا الوجه عنه، وهو ضعيف»
قلت وحتى لا يغتر أحد بقول الإمام البيهقي فيتوهم أن الضعف خفيف فنبين درجة عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من أقوال أئمة الجرح والتعديل، خاصة وأن البيهقي لم يعاصر عبد الرحمن بن زيد بن أسلم الذي توفي سنة هـ قبل مولد البيهقي باثنتين ومائتي سنة، حيث قال الإمام الذهبي في «تذكرة الحفاظ» ت ، «البيهقي صاحب التصانيف ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة» اهـ
ومن أئمة الجرح والتعديل شيخ الإمام البخاري علي بن المديني الذي عاصر عبد الرحمن بن زيد بن أسلم حيث نقل الحافظ ابن حجر في «التهذيب» «عن علي بن أحمد بن النضر أنه قال وُلِدَ عليّ بن المديني سنة » اهـ
قال الإمام البخاري في كتابه «الضعفاء الصغير» ت «عبد الرحمن بن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب عن أبيه عن أبي حازم ضعفه علي بن المديني جدًا، قال إبراهيم بن حمزة مات سنة ثنتين وثمانين ومائة» اهـ
قال الإمام ابن حبان في «المجروحين» «عبد الرحمن بن زيد بن أسلم كان ممن يقلب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف فاستحق الترك» اهـ
وأخرج ابن حبان بسنده عن يحيى بن معين قال «عبد الرحمن وعبد الله وأسامة بنو زيد بن أسلم ليسوا بشيء»
قلت وهذا أيضًا قول إمام الجرح والتعديل يحيى بن معين، وهو عاصره أيضًا، حيث إنه شيخ علي بن المديني، يتبين ذلك من قول الحافظ في «التقريب» «علي بن المديني ثقة ثبت إمام، أعلم أهل عصره بالحديث وعلله، حتى قال البخاري ما استصغرت نفسي إلا عنده، وقال فيه شيخه ابن عيينة كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلمه مني» اهـ
ونقل الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» أقوال أهل الصنعة في عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
أ قال ابن سعد «كان كثير الحديث ضعيفًا جدًا»
ب وقال ابن خزيمة «ليس هو ممن يحتج أهل العلم بحديثه لسوء حفظه، هو رجل صناعته العبادة والتقشف ليس من أحلاس الحديث»
جـ وقال الساجي «ثنا الربيع ثنا الشافعي قال قيل لعبد الرحمن بن زيد حدثك أبوك عن جدك أن رسول الله قال إن سفينة نوح طافت بالبيت وصلّتْ خلف المقام ركعتين ؟ قال نعم»
د وقال ابن عبد الحكم «سمعت الشافعي يقول ذكر رجلٌ لمالك حديثًا منقطعًا فقال اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يحدثك عن أبيه عن نوح»
هـ وقال الطحاوي «حديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف»
و وقال الجوزجاني «أولاد زيد ضعفاء»
ز وقال الحاكم وأبو نعيم «روى عن أبيه أحاديث موضوعة»
العلة الثانية أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري
قال الإمام الذهبي في «الميزان» «عبد الله بن مسلم أبو الحارث الفِهْرِي روى عن إسماعيل بن مسلمة بن قَعْنَب، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم خبرًا باطلاً فيه يا آدم، لولا محمد ما خلقتك، رواه البيهقي في دلائل النبوة» اهـ
وأورده الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» ، حيث وافق الحافظ ابن حجر في «اللسان» الحافظ الذهبي في «الميزان» على قوله «روى عن إسماعيل بن مسلمة بن قعنب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم خبرًا باطلاً فيه يا آدم لولا محمد ما خلقتك
رابعًا طريق أخرى
والحديث أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن زيد، ثم قال «لا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد»
وقال الهيثمي في «المجمع» «رواه الطبراني في الأوسط والصغير وفيه من لم أعرفهم»
قُلْتُ هذا إعلال قاصر ما دام فيه عبد الرحمن بن زيد، وقد بينا حاله آنفًا
خامسًا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية حول هذه القصة الواهية
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة» الطبعة الثامنة سنة هـ ردًا على الحاكم «ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه، فإنه نفسه قد قال في كتابه «المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم» عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا تخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه»
ثم يقول شيخ الإسلام «وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاقهم يغلط كثيرًا»، ثم يذكر إنكار العلماء على الحاكم تصحيحه للأحاديث الضعيفة والموضوعة فيقول رحمه الله «وأما تصحيح الحاكم لمثل هذا الحديث وأمثاله فهذا مما أنكره عليه أئمة العلم بالحديث»، وقالوا «إن الحاكم يصحح أحاديث وهي موضوعة مكذوبة عند أهل المعرفة بالحديث» اهـ
قُلْتُ يبرهن على قول شيخ الإسلام ابن تيمية، حكم الحافظيْن الجليليْن الذهبي والعسقلاني على هذا الحديث بالبطلان كما تقدم في تحقيقنا للحديث في «الميزان» و«اللسان»، ويظهر أن هذا ليس بحديث، ويؤيد هذا أن أبا بكر الآجري أخرجه في «الشريعة» من طريق الفِهري المتقدم بسند آخر عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب موقوفًا عليه، وعمر رضي الله عنه بريء من أباطيل الفهري التي حققناها، وهذا طريق يبين أيضًا قلب عبد الرحمن بن زيد بن أسلم للأخبار كما بينا آنفًا من قول ابن حبان في «المجروحين»
ويؤيد أنه لا أصل له من كلام النبي المعصوم محمد ما رواه ابن عساكر عن شيخ من أهل المدينة من أصحاب ابن مسعود من قوله موقوفًا عليه وفيه مجاهيل
بل ويؤيد أنه ليس بحديث ما ذكره شيخ الإسلام في المرجع السابق قوله رحمه الله «إن هذا الحديث المذكور في آدم يذكره طائفة من المصنفين بغير إسناد وما هو من جنسه مع زيادات أخر، كما ذكر القاضي عياض، قال وحكى أبو محمد المكي وأبو الليث السمرقندي وغيرهما أن آدم عند معصيته قال اللهم بحق محمد اغفر لي خطيئتي قال ويروى تقبل توبتي فقال الله له مِن أين عرفت محمدًا ؟ قال رأيت في كل موضع من الجنة مكتوبًا لا إله إلا الله محمد رسول الله، قال ويروى محمد عبدي ورسولي، فعلمت أنه أكرم خلقك عليك، فتاب عليه وغفر له»
من هذا التحقيق تخرج بقاعدة جليلة حدد عناصرها شيخ الإسلام ابن تيمية في ختام كلامه عن هذا الحديث المذكور في آدم فيقول
أ مثل هذا الحديث لا يجوز أن تُبنى عليه الشريعة، ولا يُحتجُّ به في الدين باتفاق المسلمين، فإنه من جنس الإسرائيليات ونحوها التي لا تعلم صحتها إلا بنقل ثابت عن النبي
ب هذه لو نقلها مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وأمثالهما ممن ينقل أخبار قصص المتقدمين عن أهل الكتاب لم يجز أن يُحتج بها في دين المسلمين باتفاق المسلمين
جـ فكيف إذا نقلها من لا ينقلها لا عن أهل الكتاب ولا عن ثقات علماء المسلمين، بل ينقلها عمن هو عند المسلمين مجروح ضعيف لا يُحتج بحديثه واضطرب عليه فيه اضطرابًا يعرف به أنه لم يحفظ ذلك
د لا ينقل ذلك ولا ما يشبهه أحد من ثقات علماء المسلمين الذين يُعتمد على نقلهم، وإنما هو من جنس ما ينقله إسحاق بن بشر وأمثاله في كتب المبتدأ
قُلْتُ لذا يجب أن نتمسك بالكتاب والسنة المطهرة، حتى نعيش في ظلال التوحيد الخالص الذي علمنا التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه أو صفه من صفاته تعالى، أو بعمل صالح يتوسل به المتوسل إلى الله تعالى بعيدًا عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي جاءت بهذه القصة الواهية
سادسًا الصحيح الذي جاء في توبة آدم عليه السلام
ومما أوردناه يتبين أن هذه القصة واهية، ولا تصح عن آدم عليه السلام، ونبين الصحيح الذي جاء في قصة آدم عليه السلام، قال الله تعالى فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ البقرة ، قال الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة «إن هذه الكلمات مُفسرة بقوله تعالى قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ الأعراف
هذا ما وفقني الله إليه، وهو وحده من وراء القصد
عدل سابقا من قبل sun_nuit في الجمعة أغسطس 15, 2008 9:50 am عدل 1 مرات
